رحلتي للمغرب – وتجربتي مع السحر





أُحّزم حقيبتي … أودع زوجتي وأولادي … سألتهم : ماذا تريدون من المغرب بعد رجوعي … قال أوسطهم ..

– أريدك ألا تتزوج في المغرب ..
– ماذا ؟!! ماذا ؟!! … أعد علي ما قلته … ولماذا هذا الطلب ؟؟ وكيف فكرت في هذا الطلب ؟؟
– إن صديقي (فلان) أبوه تزوج مغربية … بعد سنين من زواجه من أمه الكويتية


وكلما سمع أحد بموضوع سفرتي للمغرب قال لي : أحذر من السحر … لا تأكل أكلهم … شكلك بتتزوج … لماذا ستسافر وحدك !!!
نعم كلها كلمات مرت على مسامعي بمجرد معرفتهم بسفري للمغرب












وهبطت الطائرة


وما أن هبطت الطائرة أرض المملكة المغربية إلا ولساني هتف بـ “ اللهم اني أسألك خير هذه القرية وخير أهلها، وأعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها “
وجلست أتمتم بالأدعية والمعوذات وأيات من القرآن الكريم .. فالصورة الذهنية التي رسمتها من كلام الأهل والناس عن المغرب … جعلتني أسل سيف الدعاء وأجهز رشاش الذكر … وكأنني داخل حرب جسور مع السحرة والمشعوذين … ثم استقبلني في المطار د.توفيق بامهاود وباللهجة المغربية الساحرة ( سي توفيق ) … ورغم مكانتة العلمية .. لكنني وجدت فيه تواضع الكبار كيف يكون .


هدف زيارتي


بدعوة كريمة من أكاديمية كرسي النور بالمغرب … وهي أكاديمية لتأهيل قيادات اجتماعية … والمشرف على المشروع هو د.جاسم المطوع … ومدير الاكاديمية في فرع المغرب هو د.إبراهيم تلوي … حيث تم دعوتي لإلقاء مجموعة دورات تأهيلية لمشاركي كرسي النور بالمغرب … وهي دورات في … فريق العمل الفعال … كيف تستخدم الجيميل في إدارة مهامك … وكيف تدير مؤسستك وتتابع مشاريعك … وكيفية إدارة الأولويات … وكلها عن مفاتيح سريعة للتأهيل


صوة مع الوفد المشارك




مناقشة أحد تمارين الدورة







الوفد المشارك


الوفد الذي شارك في كرسي النور عبارة عن ١٩ مشارك ومشاركة من تونس الخضراء – وستكون لي وقفات خاصة معهم قريبا – و٣ مشاركين من ليبيا الجريحة و مشاركين أثنين من المغرب الساحرة وشخصين من السويد … كانت خلطة مميزة جدا من المشاركين … بين شباب وكبار …. بين متزوجين وعزاب … عايشتهم على مدى أربع أيام متتالية … يحفهم الحب والأخوة والمعاني الجميلة … التي بدأت تذهب بريقها بين بعض الدعاة … كل مشارك له قصة … كل مشارك له حكاية … كل مشارك له أرشيف خاص به … يسترجعه بين لحظة وأخرى … كل مشارك لديه أمل .. لدية خطة … لدية هدف يصبو إليه … لديه همة وحماس … ينتظر من يمسك بيده ويرشده … مع أن كل واحد لديه مشروعه الخاص الذي يريد يخدم فيه وطنه .




لعبة توصيل الكرة – فريق العمل







بكوا وأبكوني


سمعت من تونس الخضراء قصص يندى لها الجبين … والله لولا الحياء … لكتبتها … قصص تعذيب في السجون … قصص إهانات نفسية قبل الجسدية …
جلس بجانبي في الحافلة في طريقنا إلي مراكش … قلت له
– كم سنة سجنت
– ست سنوات
– والسبب ؟؟ التهمة ؟؟
– لا شيء .. مجرد اتهامات غير صحيحة
وآخر من المشاركين تم سجنه ١٦ سنة … وبعد خروجه من السجن … أصبحت هناك فجوة بينه وبين ولده الذي تركه وهو طفل ثم أصبح شاب … وأم كرامة … التي تركها زوجها ودخل السجن ١٧ عاما وترك لها بنت وولد لتربيهم … وحاولوا معها أن تطلب الطلاق … لكنها صبرت … وكانت تربي أبناءها على حب أبيهم وتأخذهم معها لزيارته أسبوعياً … وكان ابنها يقول لأبيه عند الزيارة :
– بابا هل عندك أرجل مثلنا ( لأنه كان النصف العلوي فقط من آبيه ، والنصف السفلي مخبأ تحت السور )
– نعم يا بني لي أرجل مثلكم
ثم ذهب الطفل ببراءة يركض ويبلغ جميع أهله وأصدقائه في المدرسة … ” بابا عنده أرجل مثلنا … بابا عنده أرجل مثلنا )


سمعت قصص تحكي صبر عجيب جدا ولولا الاطالة لأكلمت


لم يشاهد ابنه ٢٢ عاما


قص لي الأخ طارق الليبي قصة عجيبة في سجون ليبيا … حيث سمحوا للزيارة بعدد ٢٢ عام لأهل السجين السياسي … دخل الجميع يسلم على مسجونه … الا صاحب القصة … جلس ينتظر أهل بيته … ولكن لم تأتي زوجته … لكنه لمح شاب في مقتبل العمر يبحث بين المساجين … فقال له
– من أنت ؟ وعلى من تبحث ؟
– قال أنا فلان بن فلان وأبحث عن والدي
فقام الوالد المكلوم يحضن ابنه الذي لم يشاهده منذ ٢٢ عاما وأخذ يبكي والابن يبكي والزائرين والمساجين يبكون حتى بكى حراس السجن … وكان مشهد عاطفي


٢٥ متدرب يحمل هماً


لقد قمت بتدريب أشخاص من قبل … لكن ما شاهدته في هذا الوفد المشارك … لم أراه من قبل … حرص على المعلومة … حرص على الاوقات في الاستفادة من كل جديد … أمل يشع من عيونهم … عدم ترك أي صغيرة أو كبيرة إلا تم السؤال عنها بشغف … تسجيل كل كلمة … همسة … خاطرة …
اسماء مميزة لأخواتنا التونسيات رغم الاضطهاد … اسمها … قدس … تقوى … أسماء تُشكل أفعال … كان هيثم ملح اللقاء … د.صلاح واستلالاته من السيرة العطرة … زينب ،آمال،منى،رفيقة ،ريم ، سارة ، ثريا ، كلثوم ، سهى …طارق صاحب الصوت الشدي .. صلاح صاحب النكتة الجميلة .. عماد … مبروك رفيقي بالسوق …سيف وزياد ومحمد مدير دار الأيتام المميزة ، وايمن ونصر ونور واسماعيل ،جهاد وغيرهم ممن نسيت أسمائهم لكن لم أنسى أشكالهم وأمانيهم …




صوة مع المشارك هيثم الإمام






المغرب الساحرة


لم تكد تمر على شخص إلا سلم عليك … أو رد عليك بتحية أحسن … ” لاباس عليييك ” …. ” صحتين ” … كلمات طالما سمعتها ممن أعرف وممن لا أعرف في المغرب … طيبة قلب في جميع من تقابلهم … يخدمونك بطريقة محرجة … وهنا علمت أين يكمن السحر في المغرب … أنه في المعاملة الحسنة … إنه في الابتسامة الصادقة … انه في البساطة الطبيعية … فيا لسحر المغرب .. يا لسحر المغرب !!! هذه هي تجربتي مع سحر المغرب الجميل


مغرب العلماء


لقد قابلت شخصيات مميزة بحق في المغرب وهو الشيخ توفيق والشيخ فريد والشيخ الحنصالي … والدكتر فريد الأنصاري الذي تمتعت بقراءة كتبه التي كتبها قبل موته … سأقف معهم وقفة في مقالة منفصلة إن شاء الله


صوة مع الشيخ الحنصالي ود.فريد


همسة اجتماعية


أيتها الزوجة … لا تخافي على زوجك في المغرب أو في غير المغرب … ما دمتي تقومين بواجبك … ولكن أحذري وخافي عليه … إن كان غير ذلك
أيها الزوج … زوجتك لا تستطيع أن تتزوج عليك … وهذا لا يعني أن تعاملها بمعاملة غير طيبة … بل أكرمها وأحسن إليها … ورفقا بها




أخيراً وليس آخراً

هذه دعوة للدعاة .. للمفكرين … لمن يملك مهارات … تونس في انتظاركم لمد أيديكم لها … وباقي الدول العربية … والله ثم والله الناس في تعطش بشكل كبير …. فاعقدوا العزم على تقديم ولو يسيرا من زكاة علمكم … في شتى المجالات … وعلى قدر نيتكم ستؤجرون