قل لي بربك ما الذي كنت تعمله يا وليد

وجبت بإذن الله يا  أبا أسامة 

لقد مشيت في جنازات كثيرة وشهدت دفن العديد من الأحبة والأصحاب ، فلم أجد جنازة أثرت في نفسي مثل جنازة أخي أبو أسامة وليد السبع ، وكانت لي مع هذه الجنازة وقفات ..

رحمك الله أبا أسامة ..

فقد جعلتني جنازتك  أراجع نفسي وأراجع تقصيري مع ربي ،  لقد حملت جنازتك بضع ثواني فكانت خفيفة كالريشة ،  وكأن الملائكة تحملها ، أو كأن حمل صاحبها من هموم الدنيا ومن المعاصي قد خفّ أيضاً .

رحمك الله أبا أسامة ..

لقد وجدت صدى حديث رسول الله صلى الله عليه (  أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة ) يتردد بداخلي بعد أن رأيت مشيعين كُثر يمشون في جنازتك وأنا على يقين بأن بعضهم لا يعرفونك أو يلتقوا بك ذات يوم .. لكنهم  جاءوا لأنهم أحبوك بعد سماعهم عنك .. لقد ضج تويتر بالدعاء والابتهال لك أن يلطف الله بك ..وكان من لطفه عز وجل أن اختارك ..وبإذن الله وجبت الجنة يا أبا أسامة .

رحمك الله أبا أسامة ..

 محبوك وإخوانك لا يريدون فراقك حيا وميتاً .. لقد صلينا عليك وحملناك ثم وضعناك في القبر وألقينا عليك التراب  ثم قال أحدهم ” أدعوا لميتكم فإنه الآن يُسأل ” ،  فدعونا لك  ، وبعد الدعاء لم ينصرف  أحد ، وتسمرنا في أماكننا وكأننا مأسورين لك  ، منكسين الرأس  تذرف دمعاتنا على فراقك ، وما لبث أن  ذهب البعض لكن مئات لم يزالوا واقفين ،  لقد وقفنا أكثر من نصف ساعة ندعو لك ،  فو الله لم أشاهد هذا المنظر من قبل … جمع غفير يدعوا عند القبر ولا يريدون مفارقتك …

وبشهادة هؤلاء  ..بإذن الله وجبت الجنة أبا أسامة .

رحمك الله أبا أسامة

لقد أدركت من جنازتك ضرورة أن يكون للمرء خبيئة بينه وبين الله يدخرها لمثل هذا اليوم ، فو الله لأول مرة أقف في المقبرة لوداع عزيز لكن في هذه المرة لم أستمع لصوت المعزين رغم كثرتهم ، لأول مرة يقف الشيخ يذكرنا بالموت بصوت خفيف فالكل يستمع له بإنصات ، و يتصل علينا فاعل خير من مصر يريد أن يسدد دينك ويقول أنا لا أعرفه ولا أعرفكم لكنني أحببته .. في الله .

قل لي يا أخي ما الذي كنت تفعله بينه وبين ربك عز وجل جعل الناس تحبك بهذا القدر .. قل لي يا أخي ما العمل الذي خبأته عن عيون الناس ليضع الله لك القبول في الأرض .. فالناس أحبتك وكتبوا عنك .

وبشهادة هؤلاء  ..بإذن الله وجبت الجنة أبا أسامة .

مقطع مؤثر أرسله لي أحد الأحباب عن السرائر

نم قرير العين وأنعم بما كتبه الله لك ،  ولا تخشى على أبنائك في الدنيا ، فالله حافظهم وراعيهم ، وكلنا آباء لهم .

أخوك المحب

عبد الرحمن المطوع